EN

مسجد الكوفة المعظم

مسجد الكوفة، أو مسجد كوفان، رابع المساجد الأربعة التي لها مكانة مرموقة لدى الشيعة، وتسبقه المساجد الثلاثة الأولى في المرتبة والسّمو وهي المسجد الحرام، ومسجد النبي والمسجد الأقصى. كما يعتبر أحد أقدم الأماكن التاريخية والمقدسة وأهمها؛ لاستقطاب الوافدين الزائرين إلى العتبات المقدسة في العراق.

تفيد الروايات بأنّ أول من وضع الحجر الأساس للمسجد وشيّده هو نبي الله آدمعليه السلام ثم أعاد إعماره النبي نوحعليه السلام بعد الطوفان. كما قام المسلمون في سنة 17 هـ، عند أول تواجدهم في الكوفة بتعمير المسجد ودار العمارة وذلك في فترة حضره سعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي باقتراح من الثاني.

وقد قدم العديد من الأنبياء والأوصياء كالنبي الأعظمصلی الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب والإمام الحسن والإمام الحسينعليهم السلامإلى المسجد في طول تاريخه القديم.

وكان المسجد محط الأنظار بعد ما تصدى أمير المؤمنين لـخلافة المسلمين وحضر فيه سنة 36 هــ، وأقام الصلاة وألقى على منبره كثيراً من خطبه الشهيرة، وقام بأمر الحكم والقضاء هناك لمدة من الزمن واستشهد فيه أخيراً على يد أحد الخوارج.

يحيط بالمسجد بيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه السلام ودار الخلافة ومرقد الصحابي ميثم التمار وشخصيات أخرى كـمسلم بن عقيل والمختار الثقفي وهانئ بن عروة. في المسجد مقامات عدة للأنبياء لها أعمال خاصة بها مذكورة في كتب الأدعية والزيارات.

وردت روايات في فضيلة مسجد الكوفة منها ما تعدّه قطعة من رياض الجنة، ومنها ما تدل على أنه سوف تتخذ مدينة الكوفة مركزاً لحكومة صاحب العصر والمسجد مقراً لقيادتهعجل الله تعالى فرجه.png في آخر الزمان.

من المدن العراقية الواقعة في محافظة النجف وأصبحتا ملتصقتين من الجهة الغربية، فلا يفصلهما سوى بضع كيلومترات حالياً، ويقع شط الفرات شرقها فيتصف مناخها بالإعتدل وأرضها وضواحيها خصبة وصالحة للزراعة منذ قديم الزمان، والقسم المحاذي من الشط للمدينة يسمّى شط الكوفة.

قال الزبيدي في تاج العروس: “الكوفة: مدينة العراق الكبرى، وهي‌ قبة الإسلام، ودار هجرة المسلمين، قيل: مصّرها سعد بن أبي وقاص، وكان قبل ذلك‌ منزل نوح (ع)، وبنى مسجدها الأعظم”.[1]

كانت المدينة قد حملت إسم سورستان، وبعد بناء مدينة البصرة بأشهر، سنة 17 هـ قام سعد بن أبي وقاص ببناء الكوفة مستخدماً المدينة بأمر من الخليفة الثاني.

يبلغ طول المسجد إلى 110 أمتار وعرضه إلى 101، وتبلغ مساحة المسجد 11162 متراً، ويحيط به جدار بارتفاع 10 أمتار. كما تبلغ مساحة صحن المسجد إلى 5642 متر، وتصل مساحة حجرات المسجد إلى 5520 مترا. هناك 187 عموداً و4 منارات يبلغ ارتفاع كل واحد منها إلى 30 متراً، وللمسجد خمسة أبواب الآن: باب الحجة (البوابة الرئيسية) وباب الثعبان، وباب الرحمة، وباب مسلم بن عقيل، وباب هانئ بن عروة

يعود أساس المسجد طبقاً لبعض الروايات إلى حياة نبي الله آدم (ع). ثم أعاد بناءه نوح النبي (ع).

في رواية عن أبي جعفر الصادق (ع) نقلاً عن المفضّل أنه إنتهى بمعية الإمام الصادق (ع) إلى الكناسة فنظر جعفر بن محمد (ع) عن يساره ثم قال له: “ههنا صلب عمي زيد رحمه الله”، ثم مضى حتى طاق الزياتينوهو آخر السراجين، فطلب منه أن ينزل فإن الموضع كان مسجد الكوفة الأول الذي خطه آدم، وهو يكره أن يدخله راكباً، فسأله المفضل: “فمن غيّره عن خطته”؟ فأجاب: أما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح، ثم غيره بعد أصحاب كسرى والنعمان بن منذر، ثم غيره زياد بن أبي سفيان، فسأله -وكأنه مستغرب ويسمع هذا لأول مرة -“هل كانت الكوفة ومسجدها في زمن نوح”؟ فقال له: “يا مفضل، وكان منزل نوح وقومه في قرية على متن الفرات مما يلي غربي الكوفة،…إلى أن يقول: فأوحى الله إلى نوح (أن اصنع الفلك) وأوسعها وعجل عملها (بأعيننا ووحينا) فعمل نوح سفينته في مسجد الكوفة بيده يأتي بالخشب من بعد حتى فرغ منها”

يقول ابن الأثير اختطت الكوفة في سنة 17 هـ وتحول سعد إليها من المدائن. والسبب يعود على بعض الروايات إلى وصول خبر وخومة البلاد وتغيير ألوان جيوش المسلمين وحالها إلى عمر فأبعث سلمان وحذيفة رائدين فليرتادا منزلاً برياً بحرياً ليس بينه وبينهم بحر ولا جسر، فأرسلهما سعد، فخرج سلمان حتى أتى الأنبار فسار في غربي الفرات لا يقتنع بموضع حتى أتى الكوفة، كما سار حذيفة في شرقي الفرات لا يقتنع بموضع حتى أتى الكوفة، -وكل رملة وحصباء مختلطين فهو كوفة- فأتيا عليها فأعجبتهما البقعة فنزلا فصليا ودعوا الله تعالى أن يجعلهما منزل الثبات، ولما نزلها سعد كتب إلى عمر ووصف له الكوفة، واستأذن أهل الكوفة في بنيان القصب، واستأذن فيه أهل البصرة أيضا، واستقر منزلهم فيها في الشهر الذي نزل أهل الكوفة بعد ثلاث نزلات قبلها.

ويضيف ابن الأثير أن أول شيء خط فيهما وبني مسجداهما، وقام في وسطهما رجل شديد النزع فرمى في كل جهة بسهم وأمر أن يبنى ما وراء ذلك، وبنى ظلة في مقدمة مسجد الكوفة على أساطين رخام من بناء الأكاسرة في الحيرة، وجعلوا على الصحن خندقاً لئلا يقتحمه أحد ببنيان.