EN

الإمام علي السجاد عليه السلام

الإمام علي السجاد عليه السلام، (3895 هـ)، هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم السلام، الشهير بالسجاد وزين العابدين، هو رابع أئمة أهل البيتعليهم السلام، ولد في الخامس من شعبان سنة 38 هـ، واستمرت إمامته 35 سنة. اتسمت الفترة التي عاشها الإمام زين العابدين بكثرة الأحداث التي وقعت في التاريخ الإسلامي، ومنها واقعة كربلاء حيث كان حاضراً فيها والتي استشهد خلالها الإمام الحسينعليه السلام وأهل بيته، ولكن بسبب مرضه لم يتمكن من المشاركة في القتال، وبعد أن سُبيت العيال على يد جيش الشام، كان الإمام السجادعليه السلام مع موكب السبايا، وبعد أن ألقى خطبة مؤثّرة في مجلس يزيد بن معاوية بيّن من خلالها سموّ مكانة أهل البيت وحقيقة أعدائهم إضافة إلى شرح ما جرى من رزايا في كربلاء، رجع بالسبايا من الشام إلى المدينة.

للإمام علي بن الحسينعليه السلام ألقاب عدة، ومنها: زين العابدين، وسيد العابدين، وذو الثفنات، والسجاد، كما واتصف بمجموعة من الصفات والملكات التي نقلها المؤرخون مما جعل إمامته محل قبول أغلب المسلمين من الشيعة، وأهل السنة ومما امتاز به الإمام من سمات وأخلاق يمكن الإشارة إلى الحلم، والشجاعة، والصبر، وغيرها من الفضائل الأخلاقية، كما وكان يحنّ على العبيد فلم يضرب عبداً أو أمة قط، بل كان يتملك العديد منهم ويعتقهم جميعاً في عيد الفطر، ويشتري مجموعة أخرى؛ ليعتقها هي الأخرى أيضا.

من الناحية السياسية في عصر الإمام السجادعليه السلام يذكر التاريخ قيام ثورات عدة في العالم الإسلامي، منها: ثورة أهل المدينة الشهيرة بواقعة الحرة، وثورة التوابين، وثورة المختار الثقفي.

هناك مجموعة من الآثار التي نُسبت للإمام زين العابدينعليه السلام، وهي: الصحيفة السجادية، ورسالة الحقوق، والمناجيات الخمس عشرة، إضافة إلى: كتاب علي بن الحسين، وديوان منسوب للإمام السجاد، ومصحف بخطه.

عاصر الإمام علي بن الحسينعليه السلام عدداً من حُكّام بني أمية، منهم: يزيد بن معاوية، ومروان بن الحكم، واستشهد عليه السلام مسموماً بأمر من الوليد بن عبد الملك، في 25 من المحرم سنة 95 هـ، ودُفن بمقبرة البقيع في المدينة المنورة إلى جوار عمّه الإمام الحسنعليه السلام.

للإمام السجاد عدة أولاد من بنات وبنين، منهم الإمام محمد الباقرعليه السلام الذي تسلم الإمامة بعد استشهاد أبيه و زيد الذي استشهد بعد ما ثار ضد الحكم الأموي.

هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم السلام، وقد ورد في بعض الروايات أن الرسول الأعظمصلی الله عليه وآله وسلم قد سمّاه بـ”علي” ولقّبه بـ”زين العابدين“، وذلك قبل أن يولد بعشرات السنين،[1] ومن هذه الأخبار: روى جابر بن عبد الله الأنصاري قال كنت جالساً عند رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم والحسين في حجره، وهو يداعبه، فقال: يا جابر يولد له مولود اسمه “علي” إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمد، فإن أدركته يا جابر فأقرأه مني السلام.[2]و عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ‏ زَيْنُ‏ الْعَابِدِينَ‏ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَلَدِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَخْطُو بَيْنَ الصُّفُوفِ

أبوه: هو الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة، والإمام الثالث عند الشيعة.[3]

أمه: فقد اختلف في اسم والدة الإمام السجاد، فقيل هي: سلامة.[4] سلافة.[5] غزالة.[6] سلمة.[7] سادرة.[8] شهربانويه.[9] ولكن عُرفت بشاه زنان، ومعناه في اللغة العربية ملكة النساء أو سيدة النساء، وقيل بأنه ليس اسمها بل لقبها.[10] والمشهور بين الأوساط المختلفة أنّها ابنة يزدجرد آخر ملوك إيران في العهد الساساني.[11]

ذكرت المصادر الروائية أن والدة الإمام علي بن الحسين السجاد اتصفت بالعفة، والطهارة، والكمال، وسمو الأخلاق، وحدّة الذكاء؛ ولذلك بادر أمير المؤمنينعليه السلام إلى زواجها من ولده الإمام الحسينعليه السلام، كما عهد إليه بالإحسان إليها، والبر بها، قائلاً له: وأحسن إلى شهربانويه، فإنها مرضية ستلد لك خير أهل الأرض بعدك.[12]

  • ألقابه

لقد لُقب الإمام علي بن الحسينعليه السلام بمجموعة من الألقاب، ومنها:

1- زين العابدين: لقبه النبي الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم بهذا اللقب،[13] وإنما لُقب به لكثرة عبادته، وقد عُرف بهذا اللقب.[14]

وقالوا: إنَّ سبب تلقّبه بـ “زين العابدين” إنَّ الشيطان تمثّل بصورة أفعى، فلدغ إصبع رجله حين كان منشغلا بالصلاة، فلم يلتفت إليه، ولم يقطع صلاته. فسمع مناد ينادي: أنت زين العابدين حقا. [15]

2 – سيد العابدين: لُقب به لما ظهر منه من الانقياد والطاعة لله، فلم يُؤَثر عن أي أحد من العبادة مثل ما أثر منه عدا جده الإمام أمير المؤمنينعليه السلام.[16]

3- ذو الثفنات: لُقب بذلك لما ظهر على أعضاء سجوده من شبه ثفنات البعير؛[17] وذلك لكثرة سجوده، وعن محمد بن علي الباقرعليه السلام قال: كان لأبي في موضع سجوده آثار ناتية، وكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات؛ فسمي ذا الثفنات لذلك.[18]

4 – السجّاد: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقرعليه السلام إن أبي علي بن الحسين ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ آية من كتاب الله فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله تعالى عنه سوء يخشاه أو كيد كايد إلا سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع جسده فسمي السجاد لذلك.[19]

ونظم ابن حماد أبياتا يصف فيها كثرة سجود الإمام وعبادته، وهي:

 

 

وراهب أهل البيت كان، ولم يزل يــلقب بالسجــاد حيــن تعبده
يقضي بطول الصوم طول نهاره منيـــباً، ويقــــضي ليله بتهجده
فأين به مــن علمه ووفائـه منيـــباً وأيـن به من نسكــــــه وتعبده؟[20]

5 – الزكي: لُقب بالزكي لأن الله زكاه وطهّره.[21]

6 – الأمين: ذُكر في التاريخ انه لُقب بـ “الأمين”،[22] فقد روي عنه أنه قالعليه السلام: لو أن قاتل أبي أودع عندي السيف الذي قتل به أبي لأديته إليه.[23]

كما واختلفت المصادر بين كونه علي الأصغر أو الأوسط أو الأكبر، فلُقب في بعض المصادر بعلي الأصغر[24] وفي مصادر أخرى بعلي الأوسط[25] وذكره المفيد عليا الأكبر[26].

  • كُناه

كُني الإمام علي بن الحسينعليه السلام بأبي الحسين وأبي الحسن، وأبي محمد[27] وأبي عبد الله[28]

ولادته ونشأته

تاريخ الولادة: لقد تعددت الأقوال في تاريخ ولادة الإمام زين العابدينعليه السلام، وأشهرها عند الإمامية، والذي تُقام فيه المهرجانات العامة إحياء لذكرى ولادته، هو[29] اليوم الخامس من شعبان سنة “38 هـ[30] وذلك في يوم الخميس.[31] وقيل بأنه ولد في يوم التاسع من شعبان،[32] أو النصف من جمادى الأولى،[33] أو 26 جمادى الآخرة.[34].

مكان الولادة: هناك اختلاف في تحديد مكان ولادة الإمام علي بن الحسينعليه السلام فقد قال البعض بأنه ولد في الكوفة،[35] واعتبر آخرون يثرب مكانا لولادته.[36]

ونشأ الإمام زين العابدين في بيت النبوة والإمامة، فقد عاش في كنف جده أمير المؤمنينعليه السلام فترة قصيرة جدا وقد حددها المؤرخون بسنتين، وبعد شهادة أمير المؤمنين تولى تربية الإمام زين العابدين عمّه الإمام الحسنعليه السلام، وبعدها تولى تربية الإمام زين العابدين والده الإمام الحسينعليه السلام.[37]

استشهاده

روي بأن الأمويين قد خافوا من وجود شخصية كالإمام السجادعليه السلام وكان أشدهم خوفا منه الوليد بن عبد الملك، فقد روى محمد بن مسلم الزهري أنه قال: “لا راحة لي، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا”.[38]

وأجمع رأي الوليد بن عبد الملك على اغتيال الإمام حينما جلس على كرسي الحكم، فبعث سماً قاتلاً إلى عامله على يثرب، وأمره أن يدسه للإمام،[39] وهكذا استشهد الإمام مسموماً بأمر الوليد ودُفن في البقيع مع عمه الإمام الحسن، بقرب مدفن العباس بن عبد المطلب.[40]

تاريخ ومكان شهادته (ع)

هناك آراء عند علماء الشيعة ومؤرخيهم في تاريخ شهادة الإمام زين العابدينعليه السلام. فنقل الشيخ الكليني: عن أبي عبد الله الصادقعليه السلام، قال: قُبض علي بن الحسين وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين.[41] ووافقه الشيخ المفيد في ذلك وأضاف بأنه توفي بالمدينة.[42] وقال الشيخ الكفعمي بأن وفاته كانت في الخامس والعشرين من المحرم.[43]

وأما الشيخ الطوسي فذكر وفاته في اليوم الخامس والعشرين من المحرم في المدينة المنورة، ولكن اعتبره في سنة 94 للهجرة.[44]

واختلف كل من ابن شهر آشوب والأربلي مع المفيد والطوسي والكليني، فرغم ذكرهم وفاته في المدينة ولكن حددوها بيوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم، أو لإثنتي عشرة ليلة، سنة أربع وتسعين أو خمس وتسعين من الهجرة.[45]

ومن جهتهم فاختلف أهل السنة في وفاته أيضاً، فقال سبط ابن الجوزي: وفاته على أقوال: انه توفي سنة أربع وتسعين، أو سنة اثنتين وتسعين، أو سنة خمس وتسعين، والأول أصح، لانها تسمى سنة الفقهاء، لكثرة من مات بها من العلماء، وكان سيد الفقهاء، مات في أولها، وتتابع الناس بعده.[46] ووافق رأيه بشأن وفاته في سنة 94 كل من الخطيب التبريزي،[47] ومجد الدين بن الأثير[48] وابن الصبّان المصري[49] ومحمد بن طلحة الشافعي، الذي أضاف للسنة، يوم الثامن عشر من المحرم[50] والشبلنجي الذي اعتبره الثاني عشر من المحرم[51]

ولكن الكنجي الشافعي فقال بأنه عليه السلام توفي بالمدينة سنة خمس وتسعين، وله يومئذ سبع وخمسون سنة.[52]